فى غرق مركب رشيد.. نلوم من؟

بقلم عبد اللطيف المناوي

كارثة غرق المصريين ستوقفنا هذه المرة عن الاستمرار فى تناول موضوع إعلام الدولة، فغرق أكثر من 150 مصرياً هو خبر صادم ويشيع مناخاً من الحزن والأسى والتشاؤم.

الحل الأسهل- وهو صحيح نسبياًـ هو توجيه الاتهام إلى هؤلاء الهاربين بدعوى عدم وجود عمل، فيدفع كل متهم 40 ألف جنيه ليسافر أو ليهرب، فى حين يردد البعض على صفحات السوشيال ميديا أن مصر استقبلت لاجئين من سوريا والعراق واليمن ووجدوا فرص عمل فى مصر.

كما قلت قد يكون توجيه هذه الاتهام صحيحاً، ولكن يظل الطرف الآخر من هذه الصورة صحيحاً أيضاً، وهو: هل يعلم أى من هؤلاء أن هناك فرص عمل موجودة فى مصر؟ وهل تواجدت البرامج التى توزع أو تدرب أو تستمع بالقرب من هؤلاء أو فى محيطهم على الأقل؟ وهل هناك من تحدث مع هذه المجتمعات الفقيرة والساعية إلى الغنى السريع، أو إلى الهجرة إلى بلاد أوروبا، وهل تحدث معهم أحد بلغتهم ومن خلال وسائلهم، ليبين لهم مخاطر هذا الفعل، ويشرح لهم البديل؟

100_0757-1.jpg

صحيح قد يكون هؤلاء أخطأوا، ولكن يظل السؤال، وأسئلة أخرى كثيرة، هو كيف استقبلت الدولة والمجتمع والإعلام هذا الحادث؟

لو قارنا عدد هؤلاء الذين راحوا ضحية الحادث، متعدد الاتجاهات، بحوادث أخرى، وكيف كان رد الفعل، لتبين لنا أن استقبالنا هذا الحادث أقل كثيراً مما يستحق.

فى اليومين الأولين تعاملت وسائل الإعلام جميعها- لا أستثنى منها أحداً- مع الحادث باعتباره غرقاً لمركب يغرق مثله كل يوم، حتى بدأت الصورة تتضح تدريجياً، وتظهر معالمها وملامحها، ولم نجد طوال الأيام الأولى أى رد فعل حقيقى جاد من المسؤولين الذين يتولون هذا الملف.

فمنذ فجر الأربعاء حتى ظهر أمس السبت لم يصدر أى بيان من الدولة ككيان، أو الحكومة، بل ولم يحدث اجتماع حتى بين وزيرين، أو مجموعة وزارية لمناقشة حدث، واتخاذ الإجراءات المناسبة لمحاسبة المسؤول، والإعلان والحديث عن الأمر للرأى العام. لم يحدث هذا إلا بعد أن عاد الرئيس من أمريكا، ودعا لاجتماع فى الرئاسة لمناقشة ما حدث، بعدها دب النشاط المتأخر فى جسد الدولة التى لم تتحرك طوال أيام.

أما الإعلام فيبدو أنه كان منتظراً لأن يصعد عداد الغرقى ويتجاوز المائة فقيد، حتى تهتم وسائل الإعلام المختلفة بشكل صحيح بهذه المسألة.

أحد الأسئلة المطروحة المهمة هو: كيف يمكن لـ400 شخص أن يتجمعوا على ساحل حدودى ليستقلوا مركباً بشكل غير شرعى، وبالتنسيق مع عصابات متعددة المراكز فى دول مختلفة، فيتجمع هؤلاء ويتم التنسيق لسفرهم، ويغادروا تلك النقطة الحدودية ليخرجوا إلى عرض البحر فى عملية احتاجت بالتأكيد أياماً، إن لم يكن أسابيع، لترتيبها، كيف يمكن أن يحدث ذلك دون أن يكون هناك جرس إنذار لدى أى من الجهات المسؤولة التى وظيفتها أن تؤمّن هذا البلد؟

أضف تعليق