السبق الإعلامي وتهديد سلامة الوطن

بقلم   عبداللطيف المناوى

السؤال الذي ينبغي أن نوجهه لأنفسنا  كإعلاميين هذه الأيام هو عندما نجد أنفسنا أمام أحد اختيارين ما يطلق عليه سبق إعلامي في مواجهة تشكيل تهديد سلامة أمن وسلام الوطن ، فأي الحالتين نختار ، أظن أن الإجابة المتوقعة من أي فرد منا جميعا سوف تكون اختيار أمن  وسلامة الوطن .

لذلك ينبغي أن نعود خطوة إلى ما وراء السؤال ونسأل سؤالا آخر : إلى أي مدى يمتلك عدد كبير منا القدرة على القياس بين ما هو مضر أو غير بمصلحة الوطن  ، وهنا أظن أن التباين الحادث الآن ينطلق من هذه النقطة ، فما يحدث الآن على الساحة المصرية هو تمهيد مستمر ومكثف للاستغلال من قبل أي قوى تريد لهذا الوطن عدم الاستقرار، فالأسلوب الذي يتم التعامل به الآن في موضوع الفتنة الطائفية يشجع أطرافا على النفخ في النار من أجل تحقيق سبق صحفي ـ أو ما يعتبرونه كذلك ـ نموذج من الإضرار بهذا الوطن .

لم أفهم معنى أن يبادر عدد من الزملاء إلى طرح تساؤل حول مدى جدية البابا في اعتذاره من خلال أسئلة توجه إلى أطراف معروف إجابتها مسبقا ، بل من غير المفهوم من البعض أن يشكك في موقف البابا شنودة الذي امتلك من الحكمة والشجاعة التي جعلته يقف هذا الموقف الذي سوف يحسب له في تاريخه ـ عندما يشكك زملاء من أجل تسخين إعلامي  أو من أجل تحقيق ما يعتبرونه نصرا صحفيا .

هناك إصرار على استدعاء حالة الاحتقان والعيش  فيها وإشعالها والتذكير المتكرر بهاء واستضافة الرموز التي تساعد على إشعالها ، وهذا يتناقض مع كل القيم و المبادئ المهنية والوطنية .

إن ما يحدث في مصر في هذه القضية ـ قضية الفتنة ـ إنما هو بروفة  لما هو أكبر من ذلك  ، بروفة لهز استقرار الوطن ومع شديد الأسف فبعض منا دون أن يدركوا يساعدون في تحقيق هذا الهدف .

لا أملك إلا التحذير من خطورة ما يحدث ومن خطورة  عدم الإدراك بضرر تلك الإدارة الخاطئة لتلك الموضوعات الحساسة ، ولا أملك إلا التحذير لأن في مصر من الموضوعات ما لو لم يتم التعامل معها بحكمة ووطنية وحس وطني وحس بالخطر فإننا نكون كمن يريد ضررا بهذا الوطن .

أتحدث عن موضوعات مرشحة  لذلك إلى جانب موضوع قطبي الأمة الأقباط والمسلمين ، عندما أشير إلى القضايا الأخرى التي يتم وضع المواطنين فيها في شكل ثنائيات مثل البدو وأهل الوادي ، وأهل الريف وأهل الحضر ، والنوبة وباقي المصريين ، كل هذه القضايا وغيرها مرشحة لأن تكون نقاط احتقان ولن تختفي إلا إذا غلبنا مصلحة الوطن

أبناء وطن واحد

بقلم   عبداللطيف المناوى

آن الأوان لإغلاق ملف الفتنة الطائفية الذي فتح في مصر خلال الأسابيع الماضية ، آن الأوان لإغلاق هذا الملف  بعد تصريحات البابا الحكيمة ، و الترحيب بذلك  من كل عقلاء الأمة  ، وهو ما دعونا إليه من قبل ، آن الأوان لإنهاء هذه الحساسية بين أبناء وطن واحد ، والعودة للعمل من أجل رفعة هذا الوطن ، وبنائه ، كلنا جنبا إلى جنب ، كلنا يد في يد ، نكون وطنا واحدا ، آن الأوان للالتفات إلى هذا الوطن بعد تصريحات البابا وبعد ترحيب شيخ الأزهر ، وبعد الترحيب من كل أبناء مصر ، أقباطها ومسلميها بهذه الحالة ، فلا أحد يريد أن تحترق هذه البلد بالفتنة ؟

لا أحد ضيوف على أحد ، لا المسلمون ضيوف على هذا البلد ، ولا الأقباط ضيوف عليه ، كلنا أصحاب هذا البلد ، كلنا أبناؤه نعمل معا من أجل رفعته ، وبنائه ،  نحن أبناء وطن واحد ، شركاء فيه  ، كلنا جسد واحد يكون هذا الوطن .

أجاب البابا في حواره على كل النقاط التي ظلت طويلا مثار جدل ، أغلق كل الملفات ، أكد انه لا توجد عمليات تنصير  ، فليسكت دعاة الفتنة ، فلا تحول فرد من دين إلى آخر سينقص شيئا من هذا الدين ، ولا سيزيد شيئا في الدين الآخر ،  دعا البابا الإعلام إلى التعقل وعدم استغلال الحرية المنوحة بشكل خاطئ ، فلتحرص وسائل الإعلام على هذا الوطن قبل أن تنشر خبرا قد يشعل النار ولا يطفئها ، فالوطن أهم من خبر لن يضيف شيئا ، الوطن أهم مما يعتبره أصحابه سبق صحفي ، الوطن يجب أن يكون حاضرا في المقدمة ، قبل أي شيء آخر .

آن الأوان لأن تعود بعض الصحف التي أشعلت الفتنة إلى الطريق الصحيح الذي نبني من خلاله الوطن و لا نهدمه ، آن الأوان لكي يدرك رجال الدين على الناحيتين ، في الكنائس والمساجد ، أن الأديان تجمعنا ، لا تفرقنا ، أن رسالة الأديان جميعا هي المحبة والأخاء والسلام  ، آن الأوان لكي نلتف جميعا حول هذا الوطن ، وأن ندرك أن الدين لله ، والوطن فوق الجميع

حتى يقوم كل طرف بدوره

بقلم   عبداللطيف المناوى

ما زلنا حتى الآن في أجواء بداية العام الدراسي ، هذه الأجواء التي تتيح لنا الفرصة للحوار والحديث حول بعض من قضايا التعليم الذي هو الأساس في نهضة الأمة ـ أي أمة .

أظن أن هذا المشهد لم يعد مفاجئا لنا ، مشهد الأم أو الأب الذي يحمل كتب الابن أو الابنة ويدخل إلى المدرسة حاملا هذه  الكتب ليبدأ في مناقشة المدرس أو ناظر المدرسة في المنهج الموجود ، أو عندما نجد أولياء الأمور يعترضون في المدرسة على أسلوب المدرس في التدريس أو المناهج أو يناقشون الامتحانات ، وهل هي من المنهج أم من خارج المنهج ، ويناقشون حتى الزي المدرسي ، وهنا تكمن أحد المشكلات التي يعاني منها التعليم وهو ذلك التداخل الشديد بين الأدوار ، فليس هناك حدود واضحة بين دور المدرس و الطالب وولي الأمر وواضع المنهج ، هذا التداخل بين الأدوار المختلفة  يخلق حالة من الفوضى التي يصعب معها تحديد مسئولية كل طرف من الأطراف ، ما يحدث الآن من نقاش عام حول صلاحية المناهج التعليمية من عدمها تفسيره هو ضعف المؤسسة التعليمية خلال السنوات الماضية ، وغياب الدور المفترض لصانعي السياسة التعليمية  هذا نتاج أعوام طويلة لهذا الغياب ، هذا الغياب هو الذي يسمح للآخرين بالدخول لملء هذا الفراغ ، وهذا الغياب هو الذي يسمح للآخرين بالتدخل  ، والخطوات التي تتخذ الآن من قبل وزير التربية والتعليم ـ حتى لو كان هناك شكل من أشكال الاعتراض عليها ـ سوف تعيد تصحيح الوضع والتزام كل طرف بدوره ، وهذا يتم بإجراءات تعيد للمؤسسة التعليمية دورها

سوف نصل إلى بداية الطريق الصحيح عندما يلتزم كل طرف بحدود دوره ، وهذا لا يتم إلا بإجراءات مباشرة ، وباقتناع بدور المدرسة ، الخطوة الأولى أن يترك التعليم  للمؤسسة التعليمية  شريطة أن يكون هناك مدرسين مؤهلين لهذا ، وأن يكون هناك توضيح بأخر أو بأهم وأحدث الطرق التعليمة ، و هنا سوف تلقي دعوة عودة كل طرف إلى دوره  أذنا صاغية .

ويمكن اعتبار هذا المقال بمثابة دعوة أن يعود كل منا إلى دوره ، فليعود ولي الأمر إلى دور ولي الأمر ، وليرجع المدرس إلى دوره ، وليكن هناك حضورا قويا للمؤسسة التعليمية، هذا هو المعيار الحقيقي لبداية الحل .

كفاية .. حرام

بقلم   عبداللطيف المناوى

ما حدث على كورنيش النيل “الخالد ” ، و بالقرب من الأويرا رمز الحضارة في المجتمعات ، وأمام بوابات النادي الأهلي الذي يعتبر جزءا من تاريخ هذا الوطن السياسي ـ وليس فقط الرياضي ـ وليس بعيدا عن مناطق عديدة في القاهرة كانت شاهدة على رقي وحضارة وأصل هذا الشعب ، هذا الموقع شهد مساء أمس مهزلة لا يمكن إلا أن نأسى ونشعر بالحزن لحدوثها ، وذلك عندما لم يتمكن عدد من الجماهير لدخول مباراة لكرة اليد بين فريقي الأهلي والزمالك ، ولازدحام الملعب فلم يكن رد الفعل سوى حالة من الغوغائية والفوضى ونفث سموم الغضب والتعصب ليخرج هؤلاء ليحطموا كل السيارات الموجودة في المنطقة ويتقدموا خطوة ويحطموا واجهات العمارات و المحلات القريبة من المنطقة ، ويتقدمون خطوة أخرى ليستعرضوا تلك الحالة من الفوضى المنفردة أمام سفارات الدول الواقعة في هذا المكان.

ويمر أحد مشجعي النادي الآخر وهو يرتدي زي هذا النادي فلا يلقى سوى التجريد من الملابس و الاعتداء عليه بالضرب وتكسير ما يلزم من سيارة أو نظارة أو ساعة .

لست هنا في مجال الحديث عن من الذي اعتدى على من ، ولست هنا في مجال أن أوجه اتهاما لطرف على حساب الآخر ، لكني أقف أمام سلوك اجتماعي أخشى أنه يكون حالة لا نتمنى أن تكون عامة ، وتلك الحالة من التربص ومن التعصب ومن الغضب ومن التعبير العنيف والرغبة في التدمير ، هذه الحالة في حاجة إلى وقفة حازمة من كافة مؤسسات الدولة وكافة مؤسسات المجتمع المدني كافة مؤسسات التعليم وكافة المؤسسات الدينية .

ما حدث لم يكن مجرد شجار بين مشجعي فريقين ، ولم يكن إعلان غضب من عدم الحصول على تذكرة للسماح بالدخول إلى المباراة ، ما حدث يتخطى ذلك بكثير ، وما حدث يحتاج أيضا إلى وقفة لإعادة تقييم التعامل الأمنى مع مثل تلك القضايا وغيرها مما يمس أمن المواطن بشكل مباشر .مع مزيد من الحزن والأسى تجاه مثل هذه المواقف لا أجد تعبيرا عما حدث سوى ذلك التعبير الشهير الذي يرفعه مشجعو الدرجة الثالثة ، ولكن أعني به معنى مختلفا هذه المرة : ” كفاية .. حرام “

اللجان وحدها لا تكفي لتنمية سيناء

بقلم   عبداللطيف المناوى

مرة ثانية أقول أن المشاكل لا تحل بعقد اللجان الحكومية ، ولا بالاجتماعات وحدها ، و الحديث عن تنمية سيناء يجب أن يتجاوز مرحلة اللجان إلى مرحلة البدء الفعلي في التنفيذ والتنمية ، فهذا حق أبناء مصر في سيناء وحق هذا الجزء من أرض الوطن علينا .

هناك رغبة حقيقية لدى الدولة في تنمية هذا الجزء الغالي من أرض الوطن ، وقرار رئيس مجلس الوزراء أحمد نظيف أول أمس ـ خلال الاجتماع الوزاري الذي عقده الدكتور أحمد نظيف اليوم لتنمية وتطوير سيناء ـ يؤكد هذا ، وهو القرار بإنشاء جهاز وطني لتنمية شبه جزيرة سيناء يضم جميع الوزارات والجهات المعنية تكون مهمتها وضع وتنفيذ الخطة الشاملة لتنمية سيناء باعتبارها البوابة الشرقية لمصر، واستغلال الثروات الطبيعية التى تذخر بها، وتطوير أسلوب معيشة بدو سيناء وتحسين الخدمات المقدمة لهم بما يساعدهم على الاستقرار في بيئتهم ، هذا القرار يجب أن يتبعه تنفيذ فعلي ، ويجب أن نتجاوز مرحلة اللجان التي تجتمع لتصدر قرارات ، تجتمع بعدها لجان أخرى لتبت في هذه القرارات ، ثم تحال إلى لجنة أخرى وهكذا .

تطوير حياة أبناء سيناء وتوفير كافة الوسائل التنموية والمعيشية لهم سواء على مستوى الزراعة أو الصناعة أو التعدين، وتوفير مصادر المياه اللازمة للمعيشة والري والأنشطة المختلفة ، يجب أن يتجاوز مرحلة الورق و اللجان إلى تنفيذ فوري ، والمطلوب الآن هو اتخاذ قرارات حاسمة ، وقرارات عاجلة ، ولا ننتظر لجان تجتمع لتصدر قرارات ، لسنا في حاجة إلى هذه اللجان ، بل نحن في حاجة إلى تدخل مباشر وإجراءات مباشرة وبدء التنمية على الفور .

مرة أخرى فإن سيناء هذا الجزء الغالي والأصيل من مصر ، وأهلها من المصريين الذين قدموا الكثير لهذا الوطن ، يمكن أن تتحول هذه المنطقة بسبب  إهمالنا مرة ، و بطئنا  وكثرة لجاننا مرة أخرى إلى جزء من مشكلة ما لم ننتبه ونقوم بتنمية حقيقية وفعالة وسريعة .

 

دور المراجعات في التصدي للعنف

بقلم   عبداللطيف المناوى

من المهم ونحن نتابع الجدل الدائر في الذكرى التاسعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر ، أن نتذكر  تجربة مصرية مهمة في محاربة الإرهاب ، بدأت تقريبا في الوقت الذي كانت كانت فيه معتقلات العالم تفتح لحبس الإسلاميين ، وكانت مصر تفتح سجونها ليخرجوا ، أتحدث هنا عن تجربة مراجعات الجماعة الإسلامية ، والتي تحدثت عنها مرارا من قبل ، ولكن ما زلت أرى أنها لم تلق الدراسة والاهتمام الكافيين .

أقول هذا بمناسبة حوار مهم أجراه موقع مركز الدين والسياسة للدراسات مع منظر الجماعة الإسلامية الدكتور ناجح إبراهيم  وتحدث فيه عن أهمية المراجعات الفكرية الخاصة بالجماعة الإسلامية على اعتبار أول جماعة في تاريخ الحركات الإسلامية المسلحة تعلن عن مراجعات لأفكارها بمحض إرادتها وبمبادرة منها، وليس بناء على طلب من الدولة أو الحكومة كما يقول البعض.

الدكتور ناجح إبراهيم تحدث في حواره عن تأثير هذه المراجعات محليا ، ودوليا ، فمحليا ” تمثل في فتح الباب أمام التنظيمات المحلية لأخذ نفس القرار الشجاع بمراجعة أفكارها وأولها جماعة الجهاد التي قامت بالمراجعات عام 2007، قادها منظرها الشيخ سيد إمام الشهير بالدكتور فضل، شيخ الدكتور أيمن الظواهري الرجل الثاني في القاعدة ، و أيضا ساهمت الجماعة الإسلامية في مراجعات ما أطلق عليه “تنظيم سيناء” الذي قام بتفجيرات طابا عام 2004 وشرم الشيخ عام 2005، حيث قام قادة الجماعة الإسلامية بشرح المضامين الفقهية لكتب المراجعات الفكرية لهم في السجون، وتسبب ذلك في إعلانهم نبذ العنف وإلقاء السلاح ، وهو ما أدى إلى النجاح الباهر لوقف مسلسل العنف في سيناء بعد عام واحد من القبض على التنظيم، وهذا جزء من قيمة ونجاح المراجعات الإستراتيجي، وهو تجفيف منابع الفكر التكفيري العنيف ، أما التأثير الإقليمي ـ والكلام ما زال للدكتور ناجح ـ فقد كان قويا وأكثر من متوقع وهو تكرار التجربة مع تنظيمات مسلحة في اليمن والمغرب، وبرنامج المناصحة الذي تنفذه الحكومة السعودية لعدد من الإسلاميين، وقد استفاد هذا البرنامج بشكل كبير من الأفكار التي جاءت في مراجعات الجماعة الإسلامية، وأخيرا إعلان الجماعة الليبية المقاتلة عن مراجعات فقهية لأفكارها “.

ما أود أن ألفت إليه هنا ، هو أهمية الترويج لهذه المراجعات ، فما زال تأثيرها  على الأجيال الجديدة في القاعدة وغيرها ضعيف، وذلك راجع  إلى ضعف التواصل مع المجتمع وعدم نشرها بين الشباب، وهذا نابع من أنها لا تزال جديدة ، و أعتقد أن الاهتمام بفكرة التواصل ، وتوصيل أفكار المراجعات إلى قطاعات عريضة كفيل بصد والتصدي  لأي أفكار تروج للعنف .

حالة تربص

بقلم   عبداللطيف المناوى

ازدادت حالة الحساسية التي نعاني منها في مجتمعنا ، سواء المصري  أو العربي ، ولست أدري دلالة هذه الحساسية الزائدة ، هل هي مرض من أمراض العصر ، أم هي حالة من حالات التعبير عن الضغط الذي نتعرض له جميعا ، أم هي حالة تربص عامة سكنت كل الأطراف ، بات رد الفعل الأقرب للناس جميعا الآن الاستنفار ، في مواجهة الآخر ، إذا ما أحس ـ ولو عن خطأ ـ أنه مستهدف ، رد الفعل المغالى في الحساسية هو سلوك بين أطياف الأمة الواحدة الآن ، ورد فعلنا على هذه الحساسية يجذر ويعمق هذا الإحساس .

أشهر وأكثر أنواع الحساسية المفرطة الآن في مجتمعنا هي تلك الحساسية بين المسلمين و المسيحيين ، وتحدثنا في الموضوع مرارا، فقد أصبحت هناك حالة من التربص المتبادل ، إذا ما بدأت مشادة بين راكب تاكسي وسائق  فإنها تنتهي بأزمة فتنة طائفية إذا ما كان أحدهما مسلم والآخر مسيحي ، إذا ما تغيب شاب أو فتاة لفترة تبدو طويلة لذويهم فإن رد الفعل المباشر هو البحث عن الأصدقاء و المعارف من الدين الآخر شكا في أنهم تعرضوا للخطف ، وكأن البلد تنقسم إلى قسمين ، وهذا خطر ينبغي أن نتوقف أمامه ونتعامل معه بجدية واجبة .

أشكال الحساسية الأخرى نجدها أيضا في ردود فعل أصحاب المهن ، وكأنه لا يجوز أن يكون في أي مهنة فاسد ، وموسم المسلسلات التليفزيونية خاصة في رمضان هو موسم هذه الحساسية إذا ما ظهرت إحدى الفتيات في مسلسل وكانت تعمل صحفية مثلا ، ودورها أن تكون صحفية فاسدة ، فإن أهل المهنة يغضبون ، وإذا ما تزوجت زهرة خمسة رجال وكانت مهنتها ممرضة فإن نقابة الممرضات تثور وتطالب بالويل والثبور لكل من شارك في العمل التليفزيوني ، وهكذا الحال في كل المهن الأخرى مدرسين أو محامين .

هذه الحالة المستشرية في المجتمع في حاجة إلى وقفة لفهمها ومحاولة حصارها لأنها تعبير عن نفاد صبر ، وسيادة حالة تربص .

 

 

 

توقفوا عن إشعال الفتنة

بقلم   عبداللطيف المناوى

مرة أخرى أقول : لا تحرقوا البلد ،  أقول هذا بعد أن طالعت في موقع اليوم السابع التابع لجريدة اليوم السابع خبر إسلام  من أطلق عليها فتاة الإسماعيلية  ماريان زكي ، ولم تكتف الجريدة بهذا بل ونشرت وثيقة إسلام الفتاة لتشتعل ما تشبه الفتنة كما لاحظت في التعليقات على الخبر من قراء أقباط ومسلمين ، و يبدو أن جريدة اليوم السابع تهتم بنشر وتقصي مثل هذه الموضوعات ، والترويج لها ، ربما من باب السبق الصحفي أو البحث عن زيادة التوزيع ، وفي نفس الموضوع  نشر موقع الدستور التابع لجريدة الدستور أمس رابط فيديو لمن أطلق عليها فتاة الإسماعيلية  ماريان زكي ، وهي تحكي عن قصة دخولها الإسلام ، وجريدة الدستور اشتراها مؤخرا  الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد ، وهو الحزب الذي يؤمن بمدنية الدولة وأن الدين لله و الوطن للجميع ، و بالتالي أوجه نداء إلى هؤلاء الزملاء في جريدتي اليوم السابع والدستور بالحرص في التعامل مع مثل هذه الموضوعات لأن تناولها بهذا الشكل يشبه النفخ في النار التي إذا شبت قد تحرق البلد .

طالبت من قبل بإعمال القانون ومنع المظاهرات الذي تقوم على أساس طائفي وترفع لافتات طائفية في الكنائس والمساجد ، لكن لا أطالب بهذا في الصحف ، أطالب فقط بالالتزام بالمعايير المهنية وإعمال الحس الوطني قبل نشر مثل هذه الأخبار .

مرة أخرى  أقول إن الإسلام لن يزيده شيء دخول أحد إليه ولن ينقص منه شيء خروج أحد منه ، وبالمثل فالمسيحية لن تنقص شيئا إذا خرج منها أحد ولن تزيد شيئا إذا دخل إليها أحد ، وكذلك لا أظن أن مثل هذه الصحف سيزيدها شيء إذا ارتفع توزيعها ثلاثة أيام أو زادت التعليقات على أخبارها ، فالنتيجة البعيدة هي أن هذا يؤدي إلى نتيجة واحدة هي حرق البلد .

أطالب نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة بالتدخل ، وإعمال المعايير المهنية والحس الوطني ، ومرة أخرى .. توقفوا عن إشعال الفتنة .. لا تحرقوا البلد ؟

حق التظاهر وحق الوطن

بقلم   عبداللطيف المناوى

رغم أن حق التظاهر حق مسموح به وفق القواعد والقوانين المنظمة ، ورغم أن ممارستنا له في الفترة الأخيرة لم تكن ملتزمة بالقواعد المنظمة أو القانون ، حيث لم يكن هناك من يأخذ تصريحا قبل التظاهر ، أو من يحدد موعد ومكان المظاهرة حسبما يتطلب القانون ، إلا أن هناك ما يمكن تسميته غض الطرف عن التصريح بهذا ، وكان سلوكا محمودا ، حيث أن ثقافة التظاهر في مصر ثقافة جديدة وما زالت في حاجة إلى تنظيمها .

إلا أن هناك نوع من التظاهر أعتقد أنه ينبغي العمل على وضع ضوابط لها ، بل ومنعها لأنها شكل من أشكال إشعال الفتنة في البلاد ، وأعني بذلك ما حدث بالأمس في جامعي النور بالعباسية والفتح في رمسيس ، و تظاهر البعض أمام مسجد الفتح تنديدا بما أسموه احتجاز كاميليا بعد تردد شائعات عن إسلامها .

ليست هذه المظاهرات فقط هي التي أطالب بمنعها ، ولكن المظاهرات الأخرى من الطرف الآخر ، عندما تسري شائعة أن هناك فتاة أسلمت أو رجلا أسلم ، فإذا لم يتم تنظيم مثل هذه الأشكال بالقواعد والقوانين المنظمة و في كل أشكال التظاهرات الأخرى ، فإنني هنا أطالب بإعمال القانون ليس فقط في تنظيم هذه المظاهرات ، بل و منعها ، فليسلم من يسلم ،وليتنصر من يتنصر ، ولكن مرة أخرى ، وكما سبق أن ذكرت لا تسمحوا بإحراق هذا البلد لأن الكل سيصبح مسئولا ، من تظاهر ومن دعا للتظاهر ، ومن غض الطرف عن التظاهر ، ومن امتنع عن اتخاذ الإجراءات لحماية هذا البلد من مثل هذه الأشكال القبيحة من التعصب .

أكرر مرة أخرى لن يزيد إسلام كاميليا الإسلام والمسلمين شيئا ، ولن ينقص من المسيحية والمسيحيين شيئا ، و لن يزيد تنصر أحد المسلمين المسيحية شيئا ، ولن ينقص من الإسلام شيئا ، ولكن ردود الفعل المتشنجة هذه من كل الأطراف هي التي سوف تنقص الكثير من هذا الوطن .

 

 

لا تحرقوا البلد

بقلم   عبداللطيف المناوى

سواء أسلمت كامليا شحاتة أو لم تسلم ما الفارق ؟ تنصر محمد وأصبح جورج أو لم يتنصر أيضاً ما الفارق ؟ ما هذا الذي نفعله بأنفسنا ، لماذا نحرق وطننا بأيدينا ، لماذا نطلق الرصاص على أقدامنا ؟

تخرج علينا الصحف التى لا أريد أن أشكك فى نواياها ، ولكنها تهم فى إشعال الفتنة فى البلاد ، تخرج هذه الصحف لتتحدث عن اختطاف زوجة كاهن ، لإجبارها على الإسلام ، تخرج المظاهرات الغاضبة التى تندد بالإضطهاد وتطالب الدولة بالتدخل لإنقاذها زوجة الكاهن . وفجأة تعود زوجة الكاهن وتتحدث ذات الصحف عن تحرير زوجة الكاهن من خاطفيها ، والمؤامرة على المسيحية . وعلى الطرف الآخر تخرج صحف أخرى فى اتجاه آخر ولكنها ليست أقل إضراراً من الصحف التى ذكرتها أولاً ، تتحدث عن الوثائق الأمنية التى تؤكد إسلام زوجة الكاهن ، وتشير الى تورط الأجهزة الأمنية فى جريمة اختطاف زوجة الكاهن ” المسلمة ” من مخبأها وأعادتها إلى الكنيسة ، ويخرج علينا أحد الأشخاص يطلق على نفسه صفة ” الشيخ ” ليبشرنا بأنها أسلمت على يديه ، وانها أخفت إسلامها منذ أكثر من عام ، ويخرج علينا كاتب لبنانى قائلاً ” الله معك يا كامليا ،  فلا تحزنى ” وتبدو الساحة وكأنها ساحة قتال بين أبناء الوطن مسيحيين ومسلمين ، معركة كبيرة ، جنازة كبيرة ، على ماذا ؟

فليسلم من يريد وليتنصر من يريد . ماذا يضير الإسلام أن يتنصر منه عشرات ـ حسب معظم الاحصائيات العاقلة سنوياً ـ لأسباب مختلفة ما بين مصلحة ومادة وعقيدة ، فليس هذا انحسار للإسلام ولا حرب عليه ، وليس دليلاً على أى شئ .

وإذا أشهر عدة مئات من المسيحين إسلامهم ـ حسب الإحصائيات العاقلة أيضاً سنوياً ـ لأسباب مرتبطة بأسباب عاطفية أو مادية أو عقائدية فلن يؤثر ذلك فى المسيحية وقوتها ، ماذا  يضير الإسلام أو المسيحية انضمام نفر من هنا إلى هناك أو العكس ، لكن الأكيد أن استخدام مثل هذه الحالات لاشعالها فتنة لا يتفق لا مع الإسلام ولا مع المسيحية .

فلتصبح جورجيت فاطمة ، أو يغير محمد اسمه الى جورج ، هم أحرار ولكن لا تحرقوا البلد بسببهم .